السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
وسبب صداع الشقيقة مادة في شرايين الرأس وحدها حاصلة فيها ، أو مرتقية إليها ، فيقبلها الجانبالأضعف من جانبيه ، وتلك المادة إما بخارية ، وإما أخلاط حارة أو باردة ، وعلامتها الخاصة ﺑﻬا ضربان
الشرايين ، وخاصة في الدموي . وإذا ضبطت بالعصائب ، ومنعت من الضربان ، سكن الوجع .وقد
ذكر أبو نعيم في كتاب الطب النبوي له : أن هذا النواع كان يصيب النبي صلى الله عليه وسلم ،
فيمكث اليوم واليومين ، ولا يخرج .وفيه : عن ابن عباس قال:خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
،وقد عصب رأسه بعصابة.وفي الصحيح،أنه قال في مرض موته وارأساه ) وكان يعصب رأسه في مرضه
، وعصب الرأس ينفع في وجع الشقيقة وغيرها من أوجاع الرأس .وعلاجه يختلف باختلاف أنواعه
وأسبابه ،فمنه ما علاجه بالإستفراغ ، ومنه ما علاجه بتناول الغذاء،ومنه ما علاجه بالسكون والدعة ،
ومنه ما علاجه بالضمادات،ومنه ما علاجه بالتبريد،ومنه ما علاجه بالتسخين ، ومنه ما علاجه بأن
يجتنب سماع الأصوات والحركات.إذا عرف هذا ، فعلاج الصداع في هذا الحديث بالحناء ، هو جزئي لا
كلي ، وهو علاج نوع من أنواعه ، فإن الصداع إذا كان من حرارة ملهبة ، ولم يكن من مادة يجب
استفراغها ، نفع فيه الحناء نفعًا ظاهرًا ، وإذا دق وضمدت به الجبهة مع الخل، سكن الصداع، وفيه قوة
موافقة للعصب إذا ضمد به ، سكنت أوجاعه ، وهذا لا يختص بوجع الرأس ، بل يعم الأعضاء ، وفيه
قبض تشد به الأعضاء ، وإذا ضمد به موضع الورم الحار والملتهب ، سكنه .وقد روى البخاري في تاريخه
وأبو داود في السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شكى إليه أحد وجعًا في رأسه إلا قال له :
( احتجم ) ، ولا شكى إليه وجعًا في رجليه إلا قال له : ( اختضب بالحناء ) .وفي الترمذي : عن سلمى
أم رافع خادمة النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان لا يصيب النبي صلى الله عليه وسلم قرحة ولا
شوكة إلا وضع عليها الحناء .والحناء بارد في الأولى ، يابس في الثانية ، وقوة شجر الحناء وأغصاﻧﻬا مركبة
من قوة محللة اكتسبتها من جوهر فيها مائي ، حار باعتدال ، ومن قوة قابضة اكتسبتها من جوهر فيها
أرضي بارد .ومن منافعه أنه محلل نافع من حرق النار ، وفيه قوة موافقة للعصب إذا ضمد به ، وينفع إذا
مضغ ، من قروح الفم والسلاق العارض فيه ، ويبرئ القلاع الحادث في أفواه الصبيان ، والضماد به ينفع
من الأورام الحارة الملهبة ، ويفعل في الجراحات فهل دم الأخوين . وإذا خلط نوره مع الشمع المصفى ،
ودهن الورد ، ينفع من أوجاع الجنب .ومن خواصه أنه إذا بدأ الخدري يخرج بصبي ، فخضبت أسافل
رجليه بحناء ، فإنه يؤمن على عينيه أن يخرج فيها شئ منه ، وهذا صحيح مجرب لا شك فيه . وإذا جعل
نوره بين طي ثياب الصوف طيبها ، ومنع السوس عنها ، وإذا نقع ورقه في ماء يغمره، ثم عصر وشرب
من صفوه أربعين يومًا كل يوم عشرون درهمًا مع عشرة دراهم سكر ، ويغذى عليه بلحم الضأن الصغير
، فإنه ينفع من ابتداء الجذام بخاصية فيه عجيبة .