د ظاهر شاهر القشي
جامعة فيلادلفيا
من المعروف بان القوانين لا تحكم الاخلاقيات والعكس هو الصحيح فالاخلاق هي الاساس في التحكم بالقوانين وتطبيقها "فالمشكلة ليست بالقوانين بل بمطبقيها" ومنذ الازل قبل البدأ بتعليم اي مهنة تدرس اخلاقياتها، ومهنة المحاسبة والتدقيق وكأي مهنة اخرى تكون فاعلة بشكل لا يمكن التشكيك فيه اذا كان مطبقيها يتمتعون باخلاق مهنية مثالية.
ما حدث من انهيارات لشركات عملاقة في بعض الدول بشكل عام والولايات المتحده بشكل خاص اعاد مشكلة الاخلاقيات الى الساحة المهنية وخصوصا بعد انهيار اكبر شركات التدقيق في العالم "ارثر اندرسون" وثبوت تورطها بتلاعبات مالية في الشركات التي كانت تقوم على تدقيق حساباتها وتقديم خدمات استشارية لها، وعادت الجهات الرقابية بالتركيز مرة اخرى على اخلاقيات المهنة وكيفية ضبطها.
تعد قضية وفضيحة ارثر اندرسون من قضايا العصر المهمة لما كان لها من تأثير رهيب , ليس على الولايات المتحدة فقط بل على العالم بأسره، فلقد تسبب انهيار تلك الشركة بخسائر قد يصعب حصرها في الوقت الحاضر، ناهيك عن العمال والموظفين الذين فقدوا أعمالهم نتيجة الانهيار.
اعتقد بأن انهيار ارثر اندرسون ورغم المأساة الكبيرة إلا انه يعد درس مهم جدا يحتم على الكثيرين دراسته والوقوف على أسبابه ولا بد أن تقوم الجهات المتخصصة بإعادة حساباتها. ومن أهم هذه الجهات:
1- جميع الحكومات.
2- معدو معايير المحاسبية ومعايير التدقيق.
3- الشركات بشتى أشكالها وأنواعها.
4- المحاسبين والمدققين.
5- أصحاب الشركات.
التغيرات التي حدثت على بيئة المهنة بعد انهيار ارثر اندرسون
مما لا شك فيه بانه وبعد انهيار اكبر شركة تدقيق في العالم "ارثر اندرسون" بدأنا نلاحظ تغيرات كثيرة على المهنة وبيئتها كان من اهمها:
- اعادة هيكلة الحاكمية المؤسسية Corporate Governance
- الحرص على زيادة استقلالية المدقق
- زيادة التركيز على القوانين التي تحكم اخلاقيات المهنة
- تدني ثقة الجمهور بالمدققين
- ازدياد اعباء شركات التدقيق والخدمات المالية
والسؤال الذي يدور بالاذهان هو: هل قوانين اخلاقيات المهنة وتطويرها او تحديثها او مراقبتها كفيل بضبطها؟ وخصوصا ان كنا مقتنعين ان الالتزام بالاخلاقيات يجب ان يكون منبعه وعي وضمير داخلي، لا الالزام عليها من قبل جهة او اخرى، فالالتزام بالاخلاق شيء والتظاهر بالالتزام بها ومحاولة اختراقها بفنون التلاعب شيء اخر.
حقيقة
اعتقد بان مهنينا في الاردن لديهم النزعة والواعز الداخلي للالتزام باخلاقيات المهنة ولكن الرغبة لا تماشيها ظروفهم وبيئتهم المهنية المحيطة، وخصواصا بأن المورد البشري في بيئة الاعمال الاردنية لا يزال لا يحضى بالاهمية المنشودة، ولو ان المحاسبيين والمدققين بالولايات المتحدة يتمتعون بالواعز الداخلي الموجود لدى زملائهم في الاردن جنبا الى جنب مع قيمتهم العالية الحالية كمورد بشري لما حصل ما حصل من انهيارات يندى لها الجبين، ولهذا ارى ان الالتزام باخلاقيات المهنة في الاردن لا ينقصه الواعز والضمير الداخلي الحي، بل يحول دونه بعض الامور المهمة التي يمكن تلخيصها بالتالي:
1. غياب الاستقلالية الفعلية: اعتقد بان الجميع يتفق بان مدققنا الخارجي غير مستقل بكل ما تعنيه الاستقلالية ككلمة
2. تدني الاجور والحوافز
3. غياب الصلاحيات
4. غياب اجراءات الحماية
5. السيطرة المؤسسية